صقر النصافي

الشاعر الكبير صقر بن مسلم بن زيد النصافي من قبيلة الرشايدة، ويعد النصافي علم من أعلام الشعر النبطي في جزيرة العرب (ولد بالكويت سنة 1878م) وبها (توفي سنة 1948م) على وجه التقريب ولقبه الملك عبدالعزيز بن سعود هو وأبيه وكذلك الملك فيصل رحمهم الله تعالى بـ «شاعر الجزيرة العربية».

عاش شاعرنا صقر النصافي حوالي 72 سنة وعمل بالغوص على اللؤلؤ كبقية أهل الكويت وصارع الحياة من أجل لقمة العيش كغيره من رجال ذلك الوقت وتنقل بين الصحراء بالشتاء والبحر بالصيف طلبا للرزق… ثم عمل بالكويت (المدينة) بما يضمن له الحياة الكريمة.


شاعريته: لم يكن في زمن النصافي من هو أشعر وأبلغ منه أبدا في مجال الشعر النبطي فقد امتاز عن غيره من شعراء وقته بجزالة المعنى وسلاسة الاسلوب وسهولته حتى سارت بشعره الركبان ورددت قصائده في كل مكان له من كل قصيده حكمة وفي كل بيت معنى جديد لا تمل قصائده ولا يصعب حفظها كقوله من قصيدة له:


ماني بمن يطرد سراب بمضماه
شاف السراب ويحسب أنه غديري

وقوله بقصيده أخرى:

حلفت باللي يرزق الذيب والطير
أني فلا أشبع وأنت بطنك يجوعي

دنيا تدور ولا تطيع المشاوير
تجيب خير وتأخذه بالطلوعي

ما داومت لمكسرين الطوابير
أهل الرشوم منزحين الجموعي

ولم يكن الشاعر صقر النصافي رحمه الله خياليا بشعره أبدا بل كان واقعيا يلامس الواقع ويتحسس ويستقي منه أفكار قصائده بأسلوب فريد متميز حتى دخل قلوب الناس فقد صهرته التجارب وصنعته وأثرت المعاناة إنتاجه فتجده في قصائده يحدثك في ما بنفسك في كل معنى يطرقه ولواقعيته في شعره دور كبير في انتشار قصائده بين الناس.


وإذا تكلمنا عن غزليات النصافي تجدها قريبة من النفس تخاطب الوجدان وكأنها نظمت للتحدث بما في نفس من يقرأها على اختلاف مستويات الناس كقوله:


لو أن من قال أح يبري المجرح
كثرت من قول أح وأبريت روحي

لا شك قولات أح ما لي بها صح
زود على ما بي تنقض جروحي

وقوله في غزلية أخرى:

لواهني اللي ليا ضاق له يوم
اليوم الآخر خاطره ما يضيقي

ما هو بمثلي ضيقاته دايم الدوم
أبي المليق شوي وأزريت اليقي

على عشير كل حيه لنا قوم
وهو الذي من بدهم لي صديقي


وقد نظم النصافي بالحكمة والنصح والإرشاد ووصل القمة بوصيته المشهورة التي لامس بها واقعا يعيشه الناس… ومن أشهر أبياتها قوله:

لا بلاك الله بعاقة
من مقاريد الرفاقه
لا توريه الحماقة
لين ربك يقلعه

كم صبي كل يوم
ينتخي من غير قوم
وإن تناطحت القروم
ما يداني القرقعة

التمني ما يفيد
لو تزيده ما يزيد
مثل بق طار من إيد
بالسما من يجمعه

وقد صهرت المعاناة شاعرنـــا النصافــــي خصوصا حينما توفي ولده وهو في ريعان شبابــــه فرثـــــاه بعــدة قصائد تلمس الصدق فيها فكانت بالغة التأثير كقولـــه بإحدى مرثياته:

لا شك جاه الموت قطاع الأنفاس
كسرة عصاتن حطبها يباسي

عليه قلبي صايبه حب الإفلاس
لا شايف زوله ولا عنه ناسي

أقوم وأقعد مثل ملجوج الأضراس
وأضحك وأنا في خاطري كسر باسي

لا شفت غرضانه ولو كان دراس
جريت له ونه وهزيت راسي


وحين اتجه النصافي إلى النظم المرتجل بالقلطة.. ذاع صيته وعرف بها وتابعه الناس فأصبح شاعر القلطة الأول بالكويت لدرجة أن المغفور له الشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت آنذاك اصطحبه معه ببعض الرحلات لمبارزة الشعراء… فقد كان خصما عنيدا وشاعرا فحلا يحسب له ألف حساب ويرهب من يقف أمامه إلا أنه كان دمثا خلوقا فلا يتعمد إحراج خصمه ولا يشطح بقلطته إلى ما ينافي الآداب العامة فرغب الشعراء في محاورته وتدربوا معه وتواضع.

شاهد أيضاً

نبذه عن الشاعر / عبدالله سنان

إضاءات لا ندعي في هذه الزاوية أننا نقدم الشخصية الثقافية، بكل أدوارها وإنجازاتها، وأعمالها، بقدر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جميع الحقوق محفوظة M3kkaz.com